الجمعة، 3 أكتوبر 2008

فتح ذا الجلال بجمع شروح حديث من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال منقول من شبكة سحاب

فتح ذا الجلال بجمع شروح حديث من صام رمضان و أتبعه ستا من شوال ( جمع عزيز )

فتح ذا الجلال بجمع شروح

حديث من صام رمضانو أتبعه ستا من شوال

تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي

حدثنا ‏ ‏أحمد بن منيع ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو معاوية ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏عن ‏‏عمر بن ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب ‏ ‏قال ‏‏قال النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال فذلك صيام الدهر‏‏وفي ‏ ‏الباب ‏ ‏عن ‏ ‏جابر ‏ ‏وأبي هريرة ‏ ‏وثوبان ‏ ‏قال ‏ ‏أبوعيسى ‏ ‏حديث ‏ ‏أبي أيوب ‏ ‏حديث حسن صحيح ‏ ‏وقد استحب قوم صيام ستة أيام من شوال بهذا الحديث ‏ ‏قال ‏ ‏ابن المبارك ‏ ‏هو حسن هو مثل صيام ثلاثة أيام من كل شهر ‏‏قال ‏ ‏ابن المبارك ‏ ‏ويروى في بعض الحديث ويلحق هذا الصيام برمضان واختار ‏ ‏ابن المبارك ‏ ‏أن تكون ستة أيام في أول الشهر ‏ ‏وقد ‏ ‏روي عن ‏ ‏ابن المبارك ‏ ‏أنه قال إن ‏ ‏صام ستة أيام من شوال متفرقا فهو جائز ‏ ‏قال ‏ ‏وقد روى ‏ ‏عبد العزيزبن محمد ‏ ‏عن ‏ ‏صفوان بن سليم ‏ ‏وسعد بن سعيد ‏ ‏هذا الحديث ‏ ‏عن ‏ ‏عمر بن ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب ‏ ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏هذا ‏ ‏وروى ‏ ‏شعبة‏ ‏عن ‏ ‏ورقاء بن عمر ‏ ‏عن ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏هذا الحديث ‏ ‏وسعد بن سعيد ‏ ‏هوأخو ‏ ‏يحيى بن سعيد الأنصاري ‏ ‏وقد تكلم بعض أهل الحديث في ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏من قبل حفظه ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هناد ‏ ‏قال أخبرنا ‏ ‏الحسين بن علي الجعفي ‏ ‏عن ‏ ‏إسرائيل أبي موسى ‏ ‏عن ‏ ‏الحسن البصري ‏ ‏قال ‏ ‏كان إذا ذكر عنده صيام ستة أيام من شوال فيقول والله لقد رضي الله بصيام هذا الشهر عن السنة كلها ‏
قوله : ( من صام رمضان ثم أتبعه) ‏بهمزة قطع أي جعل عقبه في الصيام‏( بست من شوال) ‏وفي رواية مسلم : ستا من شوال. قال النووي : هذا صحيح : ولو كان ستة بالهاء جاز أيضا , قال أهل اللغة : يقال صمنا خمساوستاوخمسة وستة, وإنما يلتزمون إثبات الهاء في المذكر إذا ذكروه بلفظه صريحا فيقولون : صمنا ستة أيام ولا يجوزست أيام , فإذاحذفوا الأيام جاز الوجهان . ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكر إذا لم يذكر بلفظه قوله تعالى { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } أي عشرة أيام انتهى ‏( فذلك صيام الدهر ) ‏لأن الحسنة بعشر أمثالها , فرمضان بعشرة أشهروالستة بشهرين . قال النووي . وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي . ‏
قوله : ( وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وثوبان ) ‏وفي الباب أيضا عن البراء بن عازب وابن عباس وعائشة . قال ميرك في تخريج أحاديث هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم أما حديث جابر فرواه الطبراني وأحمد والبزار والبيهقي , وأما حديث أبي هريرة فرواه البزاروالطبراني وإسنادهما حسن . وقال المنذري أحد طرقه عند البزار صحيح , وأما حديث ثوبان فرواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه وابن حبان ولفظه عند ابن ماجه : من صام ستة أيام بعد الفطر كان كصيام السنة { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } وأما لفظ البقية فقريب منه , وأماحديث ابن عباس فرواه الطبراني وأحمد والبزار والبيهقي , وأما حديث عائشة فرواه الطبراني أيضا , كذا في المرقاة . قلت : وأما حديث البراء بن عازب فرواه الدارقطني . ‏
قوله : ( حديث أبي أيوب حديث حسن صحيح ) ‏وأخرجه مسلم وأبوداود وابن ماجه . ‏
قوله . ( وقد استحب قوم صيام ستة من شوال لهذا الحديث ) ‏وهذا هو الحق قال النووي : فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة. وقال مالك وأبو حنيفة : يكره ذلك قال مالك في الموطأ : ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها, قالوا فيكره لئلا يظن وجوبه , ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها , وقولهم : قد يظن وجوبها ينتقض بصوم يوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب انتهى كلام النووي . قلت : قول من قال بكراهةصوم هذه الستة باطل مخالف لأحاديث الباب , ولذلك قال عامة المشايخ الحنفية : بأنه لا بأس به . قال ابن الهمام : صوم ست من شوال عن أبي حنيفة وأبي يوسف كراهته , وعامة المشايخ لم يروا به بأسا انتهى . ‏
قوله : ( ويروى ) ‏بصيغة المجهول ونائب فاعله هو قوله : ويلحق هذاالصيام برمضان, كذا في بعض الحواشي . قلت : لم أقف أنا على الحديث الذي روي فيه هذا اللفظ , نعم قد وقع في حديث ثوبان : من صام ستة أيام بعد الفطر كان كصيام السنة , والظاهر المتبادر من البعدية هي البعدية القريبة ‏( واختار ابن المبارك أن تكون ستة أيام من أول الشهر ) ‏أي من أول شهر شوال متوالية ‏( وروي عن ابن المبارك أنه قال : إن صام ستة أيام متفرقا فهو جائز ) ‏قال النووي : قال أصحابنا : والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر فإن فرقها أو أخرها عن أوائل الشهر إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوالا نتهى . ‏قلت : الظاهر هو ما نقل النووي عن أصحابه , فإن الظاهر المتبادر من لفظ بعد الفطر المذكور في حديث ثوبان المذكور هي البعدية القريبة والله تعالى أعلم . ‏
قوله : ( وقد تكلم بعض أهل الحديث في سعد بن سعيد من قبل حفظه ) ‏قال الحافظ في التقريب : سعد بن سعيد بن قيس بن عمرو الأنصاري أخو يحيى صدوق سيئ الحفظ من الرابعة انتهى . فإن قلت : كيف صحح الترمذي حديث سعد بن سعيد المذكور مع تصريحه فإنه قد تكلم فيه بعض أهل الحديث من قبل حفظه . قلت : الظاهر أن تصحيحه لتعدد الطرق , وقد تقدم في المقدمة أنه قد يصحح الحديث لتعدد طرقه على أنه لم يتفرد به سعد بن سعيد بل تابعه صفوان بن سليم كما تقدم .
شرح سنن النسائي للسندي
أخبرنا ‏ ‏علي بن الحسن اللاني ‏ ‏بالكوفة ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الرحيم وهو ابن سليمان ‏‏عن ‏ ‏عاصم الأحول ‏ ‏عن ‏ ‏أبي عثمان ‏ ‏عن ‏ ‏أبي ذر ‏ ‏قال ‏‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من صام ثلاثة أيام من الشهرفقد صام الدهر كله ثم قال صدق الله في كتابه ‏
‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ‏
فقد صام الدهر ثم قال صدق إلخ ) ‏هذا مبني على أن رمضان لا يحسب صومه بعشرة وإنمايحسب غيره وما جاء من أتبع رمضان ستا من شوال فقد صام الدهر أو نحو ذلك مبني على أن صوم رمضان أيضا يحسب بعشرة والله تعالى أعلم .
صحيح مسلم بشرح النووي
حدثنا ‏ ‏يحيى بن أيوب ‏ ‏وقتيبة بن سعيد ‏ ‏وعلي بن حجر ‏ ‏جميعا ‏ ‏عن ‏ ‏إسمعيل‏ ‏قال ‏ ‏ابن أيوب ‏ ‏حدثنا ‏ ‏إسمعيل بن جعفر ‏ ‏أخبرني ‏ ‏سعد بن سعيد بن قيس ‏‏عن ‏ ‏عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب الأنصاري ‏ ‏رضي الله عنه‏ ‏أنه حدثه ‏‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال‏ ‏من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ‏‏و حدثنا ‏ ‏ابن نمير ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏أخو ‏ ‏يحيى بن سعيد ‏ ‏أخبرنا ‏‏عمر بن ثابت ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏أبو أيوب الأنصاري ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏قال ‏ ‏سمعت رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏يقول ‏ ‏بمثله ‏ ‏و حدثناه ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏‏حدثنا ‏ ‏عبد الله بن المبارك ‏ ‏عن ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏قال سمعت ‏ ‏عمر بن ثابت ‏‏قال سمعت ‏ ‏أبا أيوب ‏ ‏رضي الله عنه ‏ ‏يقولا ‏ ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏بمثله
قوله صلى الله عليه وسلم : ( من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال كان كصيام الدهر ) ‏فيه دلالة صريحة لمذهب الشافعي وأحمد وداود وموافقيهم في استحباب صوم هذه الستة, وقال مالك وأبو حنيفة : يكره ذلك , قال مالك في الموطإ : ما رأيت أحدا من أهل العلم يصومها , قالوا : فيكره ; لئلا يظن وجوبه . ودليل الشافعي وموافقيه هذا الحديث الصحيح الصريح , وإذا ثبتت السنة لا تترك لترك بعض الناس أو أكثرهم أو كلهم لها , وقولهم : قد يظن وجوبها , ينتقض بصوم عرفة وعاشوراء وغيرهما من الصوم المندوب . قال أصحابنا : والأفضل أن تصام الستة متوالية عقب يوم الفطر , فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى أواخره حصلت فضيلة المتابعة ; لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال, قال العلماء : وإنما كان ذلك كصيام الدهر ; لأن الحسنة بعشر أمثالها , فرمضان بعشرة أشهر , والستة بشهرين , وقد جاء هذا في حديث مرفوع في كتاب النسائي . ‏وقوله صلى الله عليه وسلم : ( ستا من شوال) صحيح , ولو قال : ( ستة) بالهاء جاز أيضا , قال أهل اللغة : يقال : صمناخمسا وستا وخمسة وستة, وإنما يلتزمون الهاء في المذكر إذا ذكروه بلفظه صريحا , فيقولون : صمنا ستة أيام , ولا يجوز : ست أيام , فإذا حذفوا الأيام جاز الوجهان , ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكر إذا لم يذكر بلفظه قوله تعالى : { يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا } أي : عشرة أيام , وقد بسطت إيضاح هذه المسألة في تهذيب الأسماء واللغات , وفي شرح المهذب . والله أعلم .
عون المعبود شرح سنن أبي داود
حدثنا ‏ ‏النفيلي ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن محمد ‏ ‏عن ‏ ‏صفوان بن سليم ‏ ‏وسعد بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏عمر بن ثابت الأنصاري ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب ‏ ‏صاحب النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر ‏
‏( قال من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال ) ‏‏: وقد استدل به وغيره من الأحاديث المذكورة في هذا الباب على استحباب صوم ستة أيام من شوال , وإليه ذهب الشافعي وأحمد وداود وغيرهم . وقال أبو حنيفة ومالك : يكره صومها , واستدل لهما على ذلك بأنه ربما ظن وجوبها وهو باطل في مقابلة السنة الصحيحة الصريحة . وأيضا يلزم مثل ذلك في سائر أنواع الصوم المرغب فيها ولا قائل به . واستدل مالك على الكراهة بما قال في الموطأ من أنه ما رأى أحدا من أهل العلم يصومها , ولا يخفى أن الناس إذا تركوا العمل بسنة لم يكن تركهم دليلا ترد به السنة . قال النووي في شرح مسلم : قال أصحابنا : والأفضل أن تصام الست متوالية عقب يوم الفطر , قال فإن فرقها أو أخرها عن أوائل شوال إلى آخره حصلت فضيلة المتابعة لأنه يصدق أنه أتبعه ستا من شوال . قال : قال العلماء : وإنما كان ذلك كصيام الدهر لأن الحسنة بعشر أمثالها فرمضان بعشرة أشهر والستة بشهرين , وقد جاء هذا الحديث مرفوعا في كتاب النسائي . ‏‏قال المنذري : وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه . ‏
شرح سنن ابن ماجه للسندي
حدثنا ‏ ‏علي بن محمد ‏ ‏حدثنا ‏‏عبد الله بن نمير ‏ ‏عن ‏ ‏سعد بن سعيد ‏ ‏عن ‏ ‏عمر بن ثابت ‏ ‏عن ‏ ‏أبي أيوب ‏‏قال ‏قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال كان كصوم الدهر
قوله ( بست من شوال ) ‏‏أي بعد يوم العيد وقد اختار بعضهم المتوالية وجوز بعضهم التفريق وهذا الحديث صريح في ندب صيام ست من شوال وعامة المتأخرين من أصحابنا الحنفية أخذوا به ولعل القائل بالكراهة يؤول هذا الحديث بأن المراد هو كصوم الدهر في الكراهة فقد جاء لا صيام لمن صام الأبد ونحوه مما يفيد كراهة صوم الدهر لكن هذا التأويل مردود بما ورد في صوم ثلاث من كل شهر أنه صوم الدهر فهو والظاهر أن صوم الدهر تحقيقا مكروه وما ليس بصوم الدهر إذا ورد فيه أنه صوم الدهر فهو محبوب وجاء في الباب أحاديث كثيرة وقد جوز ابن عبد البر أن قول مالك بالكراهة لعدم بلوغ الحديث والله أعلم .

فضائل صوم ست من شوال ::: إصدار دار ابن خزيمة

فضائل صوم ست من شوال

الحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف الضرَّاء والنِّقم، والصلاة والسلام على النبي الأمين، وآله وأصحابه أنصار الدين. وبعد: أخي المسلم: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس. ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية. لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً. والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب. وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى. وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان. وقد أرشد أمته إلى فضل الست من شوال، وحثهم بأسلوب يرغِّب في صيام هذه الأيام.. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر} [رواه مسلم وغيره]. قال الإمام النووي - رحمه الله -: قال العلماء: (وإنما كان كصيام الدهر، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر، والستة بشهرين..). ونقل الحافظ ابن رجب عن ابن المبارك: (قيل: صيامها من شوال يلتحق بصيام رمضان في الفضل، فيكون له أجر صيام الدهر فرضاً). أخي المسلم: صيام هذه الست بعض رمضان دليل على شكر الصائم لربه تعالى على توفيقه لصيام رمضان، وزيادة في الخير، كما أن صيامها دليل على حب الطاعات، ورغبة في المواصلة في طريق الصالحات. قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: (فأما مقابلة نعمة التوفيق لصيام شهر رمضان بارتكاب المعاصي بعده، فهو من فعل من بدل نعمة الله كفراً). أخي المسلم: ليس للطاعات موسماً معيناً، ثم إذا انقضى هذا الموسم عاد الإنسان إلى المعاصي! بل إن موسم الطاعات يستمر مع العبد في حياته كلها، ولا ينقضي حتى يدخل العبد قبره.. قيل لبشر الحافي - رحمه الله -: إن قوماً يتعبدون ويجتهدون في رمضان. فقال: (بئس القوم قوم لا يعرفون لله حقاً إلا في شهر رمضان، إن الصالح الذي يتعبد ويجتهد السنة كلها). أخي المسلم: في مواصلة الصيام بعد رمضان فوائد عديدة، يجد بركتها أولئك الصائمين لهذه الست من شوال. وإليك هذه الفوائد أسوقها إليك من كلام الحافظ ابن رجب - رحمه الله -: إن صيام ستة أيام من شوال بعد رمضان يستكمل بها أجر صيام الدهر كله. إن صيام شوال وشعبان كصلاة السنن الرواتب قبل الصلاة المفروضة وبعدها، فيكمل بذلك ما حصل في الفرض من خلل ونقص، فإن الفرائض تكمل بالنوافل يوم القيامة.. وأكثر الناس في صيامه للفرض نقص وخلل، فيحتاج إلى ما يجبره من الأعمال. إن معاودة الصيام بعد صيام رمضان علامة على قبول صوم رمضان، فإن الله تعالى إذا تقبل عمل عبد، وفقه لعمل صالح بعده، كما قال بعضهم: ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فمن عمل حسنة ثم أتبعها بحسنة بعدها، كان ذلك علامة على قبول الحسنة الأولى، كما أن من عمل حسنة ثم أتبعها بسيئة كان ذلك علامة رد الحسنة وعدم قبولها. إن صيام رمضان يوجب مغفرة ما تقدم من الذنوب، كما سبق ذكره، وأن الصائمين لرمضان يوفون أجورهم في يوم الفطر، وهو يوم الجوائز فيكون معاودة الصيام بعد الفطر شكراً لهذه النعمة، فلا نعمة أعظم من مغفرة الذنوب، كان النبي يقوم حتى تتورّم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فبقول: {أفلا أكون عبداً شكورا}. وقد أمر الله - سبحانه وتعالى - عباده بشكر نعمة صيام رمضان بإظهار ذكره، وغير ذلك من أنواع شكره، فقال: {وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة:185] فمن جملة شكر العبد لربه على توفيقه لصيام رمضان، وإعانته عليه، ومغفرة ذنوبه أن يصوم له شكراً عقيب ذلك. كان بعض السلف إذا وفق لقيام ليلة من الليالي أصبح في نهارها صائماً، ويجعل صيامه شكراً للتوفيق للقيام. وكان وهيب بن الورد يسأل عن ثواب شيء من الأعمال كالطواف ونحوه، فيقول: لا تسألوا عن ثوابه، ولكن سلوا ما الذي على من وفق لهذا العمل من الشكر، للتوفيق والإعانة عليه. كل نعمة على العبد من الله في دين أو دنيا يحتاج إلى شكر عليها، ثم التوفيق للشكر عليها نعمة أخرى تحتاج إلى شكر ثان، ثم التوفيق للشكر الثاني نعمة أخرى يحتاج إلى شكر آخر، وهكذا أبداً فلا يقدر العباد على القيام بشكر النعم. وحقيقة الشكر الاعتراف بالعجز عن الشكر. إن الأعمال التي كان العبد يتقرب يها إلى ربه في شهر رمضان لا تنقطع بإنقضاء رمضان بل هي باقية بعد انقضائه ما دام العبد حياً.. كان النبي عمله ديمة.. وسئلت عائشة - رضي الله عنها -: هل كان النبي يخص يوماً من الأيام؟ فقالت: لا كان عمله ديمة. وقالت: كان النبي لا يزيد في رمضان و لا غيره على إحدى عشرة ركعة، وقد كان النبي} يقضي ما فاته من أوراده في رمضان في شوال، فترك في عام اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، ثم قضاه في شوال، فاعتكف العشر الأول منه. فتاوى تتعلق بالست من شوالسئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -: هل يجوز صيام ستة من شوال قبل صيام ما علينا من قضاء رمضان؟ الجواب: (قد اختلف العلماء في ذلك، والصواب أن المشروع تقديم القضاء على صوم الست، وغيرها من صيام النفل، لقول النبي : {من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر}. [خرجه مسلم في صحيحه]. ومن قدم الست على القضاء لم يتبعها رمضان، وإنما أتبعها بعض رمضان، ولأن القضاء فرض، وصيام الست تطوع، والفرض أولى بالاهتمام). [مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز:5/273]. وسئلت اللجنة الدائمة للإفتاء: هل صيام الأيام الستة تلزم بعد شهر رمضان عقب يوم العيد مباشرة، أو يجوز بعد العيد بعدة أيام متتالية في شهر شوال أو لا؟ الجواب: (لا يلزمه أن يصومها بعد عيد الفطر مباشرة، بل يجوز أن يبدأ صومها بعد العيد بيوم أو أيام، وأن يصومها متتالية أو متفرقة في شهر شوال حسب ما تيسر له، والأمر في ذلك واسع، وليست فريضة بل هي سنة). [فتاوى اللجنة الدائمة: 10/391 فتوى رقم: 3475]. وسئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله -: بدأت في صيام الست من شوال، ولكنني لم أستطع إكمالها بسبب بعض الظروف والأعمال، حيث بقي عليّ منها يومان، فماذا أعمل يا سماحة الشيخ، هل أقضيها وهل عليّ إثم في ذلك؟ الجواب: (صيام الأيام الستة من شوال عبادة مستحبة غير واجبة، فلك أجر ما صمت منها، ويرجى لك أجرها كاملة إذا كان المانع لك من إكمالها عذراً شرعياً، لقول النبي : {إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحاً مقيماً}. [رواه البخاري في صحيحه]، وليس عليك قضاء لما تركت منها. والله الموفق) [مجموع فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز: 5/270]. أخي المسلم: تلك بعض الفتاوى التي تتعلق بصيام الست من شوال، فعلى المسلم أن يستزيد من الأعمال الصالحة، التي تقربه من الله تعالى، والتي ينال بها العبد رضا الله تعالى.. وكما مرّ معك من كلام الحافظ ابن رجب بعض الفوائد التي يجنيها المسلم من صيام الست من شوال، والمسلم حريص على ما ينفعه في أمر دينه ودنياه.. وهذه المواسم تمرّ سريعاً، فعلى المسلم أن يغتنمها فيما يعود عليه بالثواب الجزيل، وليسأل الله تعالى أن يوفقه لطاعته.. والله ولي من استعان به، واعتصم بدينه.. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلِّم..
دار ابن خزيمة